111

يومان يفصلان الإمارات عن تجاوز ما كان يسمى بالمستحيل، لتعانق الفضاء، من خلال انطلاق هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى المحطة الدولية للفضاء، في 25 سبتمبر الجاري، لتصبح الإمارات الدولة رقم 1 عربياً، و19 عالمياً في الوصول للمحطة، حيث سيمضي هزاع على متنها 8 أيام، يجري خلال 16 تجربة علمية، بعد أن أمضى عاماً كاملاً، يرافقه سلطان النيادي، رائد الفضاء الإماراتي البديل، في تدريبات مكثفة، بلغت 1400 ساعة، وأكثر من 90 دورة تدريبية في العديد من المراكز المتخصصة بالفضاء عالمياً، حيث كانت البداية في "مركز يوري جاجارين" لتدريب رواد الفضاء في مدينة النجوم في موسكو، بتعلّم اللغة الروسية؛ كمطلب رئيسي لضمان نجاح التدريبات على مركبة سويوز، والإقلاع، والهبوط.

ثم بعد ذلك تدريبات في ألمانيا، والولايات المتحدة، على مختلف مختبرات محطة الفضاء الدولية، ومهامها العلمية.

وتلقى المنصوري والنيادي التدريبات الأخيرة في مدينة النجوم الروسية، وتوجّها مباشرة إلى قاعدة "بايكنور" لإطلاق الصواريخ في كازاخستان، حيث يخضعان للحجر الصحي لمدة أسبوعين قبل مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية.

 

تدريبات مكثفة

ومنذ لحظة اختيارهما كأول رائدي فضاء إماراتيين، أساسي وبديل، خضع «هزاع» و«سلطان» لتدريبات ودورات مكثفة، بإجمالي بلغ 1400 ساعة، وأكثر من 90 دورة تدريبية، حيث كانت البداية في مركز يوري جاجارين لتدريب رواد الفضاء في مدينة النجوم في موسكو، بتعلّم اللغة الروسية؛ كمطلب رئيسي لضمان نجاح التدريبات اللاحقة على مركبة سويوز، والإقلاع والهبوط.

ومن التدريبات التي خضعا لها، التدرب في الغابة الثلجية الشتوية في درجة حرارة متدنية تصل إلى 10 درجات تحت الصفر، في إطار دورة البقاء على قيد الحياة، وتضمنت الدورة تكتيك عمل رواد الفضاء بعد الهبوط الاضطراري للمركبة الفضائية، حيث يترتب عليهم أولًا نزع البزات الفضائية وارتداء الملابس الشتوية، والخروج من الكبسولة، وإنشاء بضعة أنواع من المخابئ، وسرعة الاتصال بمركز القيادة، وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، والتعامل مع رجال الطوارئ، وإدارة الموارد المتاحة في البيئة المحيطة، والتواصل مع فرق البحث والإنقاذ من حيث الإشارات المرئية، كالمشعل الحراري، والاتصال اللاسلكي، حيت تمت تسمية «زايد» كاسم نداء للفريق يستخدمه للتواصل.

وتهدف هذه التدريبات إلى تزويد رواد الفضاء بعدد من المهارات التي تمكنهم من البقاء ثلاثة أيام على الأقل، في بيئة بالغة القسوة في حال انحراف كبسولة الهبوط عن مسارها، واضطرارها للهبوط في مناطق، أو غابات غير مأهولة، شديدة البرودة، باستخدام معدات وأجهزة موجودة على متن الكبسولة.

تجربة «دوار الفضاء»

كذلك خضع الرائدان لتجربة «دوار الفضاء» لمدة 10 دقائق على الكرسي الدوار، الذي يعمل على تحفيز جهاز التوازن في الأذن الداخلية، بهدف تقليل الأعراض الجانبية على جسم الإنسان بسبب انعدام الجاذبية في الفضاء، كذلك تدريبات نوعية تساعدهما على كيفية التعامل في حال التواجد في بيئة مائية كالبحار، والتواجد في غرفة الضغط التي تحاكي الارتفاع عن سطح البحر ب 5 و10 كيلومترات، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الضغط الجوي ونسب الأوكسجين عن المعدلات الطبيعية.

كما خضعا لمجموعة من الفحوص الطبية الضرورية لقياس مستوى اللياقة البدنية والذهنية، بناء على معايير عالمية قبيل تنفيذ المهمة، منها اختبار جهاز الطرد المركزي، حيث تعرضا إلى قوة جاذبية تصل إلى 8 أضعاف وزنيهما الطبيعي، لمحاكاة الدفع الكبير لرواد الفضاء نحو مقاعدهم، خصوصاً عند انطلاقهم بسرعة نحو الفضاء، ومرحلة العودة، وصممت هذه التجارب للتدريب على التكيف مع حالات نقص الأوكسجين في الدماغ، ومنع فقدان الوعي بسبب قوة التسارع الضخمة التي يتعرضون لها.

 

30 ساعة نظرية وعملية

وفي الأول من يوليو/‏ تموز الماضي، أتم رائدا الفضاء تدريباتهما في المركز الأوروبي لرواد الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، بمدينة كولون في ألمانيا.

وتضمن البرنامج تدريبات على الوحدة الأوروبية- كولومبوس من محطة الفضاء الدولية، وهي عبارة عن مختبر للأبحاث العلمية تُجرى في الفضاء، وشملت نحو 30 ساعة من التدريبات النظرية والعملية، أشرف عليها مجموعة خبراء مختصين من وكالة الفضاء الأوروبية، وركزت على الأجهزة والأنظمة الموجودة في الوحدة الأوروبية من محطة الفضاء الدولية، ومنها نظم دعم الحياة التي تضمن الحفاظ على حياة الرواد في المحطة.

تجربة بدلة السوكول

وفي الأول من أغسطس/‏ آب الماضي، أجرى هزاع المنصوري، تجربته لبدلة الفضاء السوكول، ومعناها بالعربية «الصقر»، ويبلغ وزنها 10 كيلوجرامات وكان عليه ارتداؤها في غضون 25 30 ثانية فقط.

ليلة إماراتية تقليدية

يستضيف «هزاع» على متن المحطة الدولية للفضاء، ليلة الطعام الإماراتي التقليدي، حيث سيرتدي خلالها الزي الإماراتي التقليدي، ويقدم لزملائه من رواد الفضاء ثلاثة أطعمة إماراتية، هي «المضروبة» و«الصالونة» و«البلاليط».

وقد هنأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، كلاً من هزاع المنصوري، وسلطان النيادي، على اختيارهما كأول رائدي فضاء إماراتيين في 3 سبتمبر 2018، قائلاً: "هزاع وسلطان يمثلان مرحلة جديدة لشباب الإمارات، ويرفعان سقف طموحات أجيال جديدة بعدهما. أحلامنا تعانق الفضاء.. وشبابنا يرفعون رأسنا للسماء.. ومستقبلنا يرتكز على أساس علمي راسخ".

وختم سموه بالقول: "الإمارات تحلق عالياً في الفضاء.. وشبابنا يمثلون كل الشباب العربي".

من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: إن إنجاز هزاع وسلطان ورغبتهما في تقديم إضافة وطنية نوعية يعكس تطلعات شباب الإمارات وعزيمتهم نحو تبوؤ أعلى المراتب وفي شتى المجالات، مشيراً سموه إلى أن بلوغ هذا الهدف يأتي ثمرة عمل شباب الوطن وجهدهم وعطائهم المتواصل.

وقال سموه: "إنه مثلما لا حدود للفضاء.. فلا حدود لطموحاتنا في تحقيق مزيد من الإنجازات لوطننا، وسعي دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الإسهام بدور فاعل في رحلة البشرية إلى الفضاء يأتي من منطلق الحرص على التواجد في المنصات العالمية المتقدمة التي من شأنها خدمة البشرية".

 

المصدر : صحيفة الخليج