كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، صناع الأمل الأربعة المتأهلين لنهائيات مبادرة صناع الأمل بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم لكل منهم، لتبلغ قيمة جائزة صناع الأمل 4 ملايين درهم.
وتوج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، العراقية تالا الخليل بلقب "صانعة الأمل" الأولى في الدورة الرابعة من المبادرة الأكبر من نوعها لتكريم أصحاب العطاء في الوطن العربي، بعدما حصلت على أعلى نسبة تصويت في الحفل، ووجه سموه بأن يكون جميع صناع الأمل الأربعة المتأهلون إلى نهائيات المبادرة فائزين باللقب، وهم إضافة إلى تالا الخليل، العراقي محمد النجار، والمغربي أمين إمنير، والمصرية فتحية المحمود وسط حضور 12,000 شخص.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "صناعة الأمل هي صناعة للحياة في منطقتنا ولا يمكن مواجهة التحديات بدون تكاتف جميع الجهود".
وأضاف سموه: "الشعوب تحيا على التفاؤل والأمل بغد أفضل .. والأجيال الجديدة مسؤولة عن صناعة واقع أفضل في مجتمعاتهم".
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن "نشر اليأس هو أكبر تحد تواجهه شعوبنا العربية، ولابد من الاستمرار في صناعة الأمل والتفاؤل والإيجابية في الأجيال الجديدة".
وتوّج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العراقية تالا الخليل بلقب "صانعة الأمل" الأولى على مستوى الوطن العربي، وذلك عن مبادرتها الخاصة بمداواة أرواح أطفال متلازمة داون والمصابين بالسرطان.
ثروة إنسانية
من جانبه، أكد معالي محمد القرقاوي الأمين العام لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، أن مبادرة "صناع الأمل" تجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ترسيخ ثقافة الخير والعطاء في العالم العربي، والاحتفاء بأصحاب المشاريع والمبادرات الهادفة إلى تغيير حياة المجتمعات، وإلهام الأجيال الجديدة لصناعة مستقبل أفضل.
وقال معاليه: "كشفت الدورة الرابعة من (صناع الأمل) عن مبادرات خيرية وإنسانية فريدة لخدمة المجتمعات العربية ومساعدة عشرات آلاف البشر في دول عدة حول العالم، وقد أثبت أكثر من 58 ألف صانع أمل عربي أن منطقتنا تمتلك ثروة كبيرة في الجانب الإنساني، ما يعزز الثقة بقدرتها على مواصلة رحلتها الحضارية وتقديم نموذج عالمي في العطاء والالتزام بمساعدة الإنسان بعيداً عن تصنيفات اللون والعرق والدين".
وأشار معالي محمد القرقاوي، إلى أن مبادرة "صناع الأمل" مستمرة في دعم البرامج التطوعية والرؤى الهادفة إلى تحسين الحياة في المجتمعات العربية، وإبراز كل جهد إنساني يستهدف خدمة الآخرين والتخفيف من معاناة الفئات المحتاجة والضعيفة، بما ينسجم مع أهداف مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، في تعزيز ثقافة الأمل في الوطن العربي ومساندة أصحاب الأفكار المبتكرة لتمكينهم من تحويلها إلى مشاريع مستدامة.
تفاعل جماهيري
وشهد الحفل العديد من الفقرات الفنية التي شارك فيها نخبة من أبرز الفنانين في الوطن العربي مثل أحلام وحسين الجسمي وأصالة، كما شارك في فقرات الحفل عدد كبير من نجوم الوطن العربي من فنانين وإعلاميين.
وتفاعل جمهور الحفل مع عرض قصص المرشحين الملهمة من خلال فيديوهات مؤثرة لخصت تجربة كل منهم وجسدت البعد الإنساني، حيث كشفت عن أبطال حقيقيين ملهمين تفانوا في خدمة أوطانهم ومجتمعاتهم وكل إنسان يحتاج إلى المساعدة.
وأطرب الفنان الكويتي حمود الخضر جمهور الحفل الختامي بأغانيه التي تحمل الطابع الإنساني ذا المعاني العميقة والمحفّزة على الخير، والتي تحمل كلمات ملهمة، وأغلبها باللغة العربية الفصحى.
وشهد الحفل الختامي مشاركة الدكتور خالد غطاس، الخبير في السلوك البشري، والكاتب والفيزيائي، الذي كرس حساباته على فيسبوك ويوتيوب لنشر الوعي حول البحث العلمي من ناحية، والسلوك البشري وعلم النفس الإيجابي واتخاذ القرار والتنوع الثقافي والشعر والفلسفة والفن من نواحٍ أخرى.
وحظي الأوبريت الغنائي الشهير "الحلم العربي"، الذي أعادت مبادرة "صناع الأمل" إحياءه وتطويره بتفاعل كبير من جمهور الحفل الختامي لمبادرة صناع الأمل، والذي شارك فيه 12 من كبار الفنانين العرب وهم: أحلام، وماجد المهندس، وأصالة، ووليد توفيق، وصابر الرباعي، وبلقيس، وعاصي الحلاني، وعمر العبدلات، ومحمد عساف، و أحمد فتحي، وإيهاب توفيق، وأبو، وهو من كلمات الدكتور مدحت العدل، وألحان صلاح الشرنوبي.
كما استمع حضور الحفل لفيديو الأغنية الجديدة التي أطلقها الفنان ماجد المهندس بمناسبة الاحتفاء بتتويج الفائزين في الدورة الرابعة من "صناع الأمل"، والتي كتب كلماتها الشاعر أحمد علوي، ولحنها وليد الشامي.
العراقي الدكتور محمد النجار.. منارة أمل لمبتوري الأطراف
لم يكن يتخيل الكثيرون ممن يعرفون العراقي الدكتور محمد النجار (37 عاماً)، أن فقدانه لساقه في عام 2014، سيكون بادرة أمل لكثير من مبتوري الأطراف في العراق، بعد أن حول النجار، المستطيل الأخضر، إلى دافع قوي يجدد عبره الأمل ويستعيد به الثقة بالنفس والحلم بحياة جديدة بعد أن وضعت الحرب في العراق أوزارها.
بدأت الحكاية الملهمة لصانع الأمل العراقي بعد أن فقد ساقه نتيجة تطوعه للقتال ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث أصيب برصاصة في ساقه نتجت عنها مضاعفات عرضت حياته للخطر، وأدخلته في غيبوبة لأكثر من شهرين، لكنه ما إن استفاق حتى قرر أن يخلق لنفسه فسحة من الأمل مهما ضاقت به الأماكن، حيث قرر تحويل هذا الحادث المفجع إلى ذكريات بعيدة، والانطلاق في مجال العمل الإنساني الذي اتخذه أسلوب حياة ومنهج عمل، وبوصلة ترشده على طريق الأمل.
لم يستسلم النجار وبدأ مرحلة التعافي وعاد إلى عمله في وزارة النفط العراقية، وتمكن من الحصول على بعثة لدراسة الدكتوراه في لندن، بعد أن تكيف مع الطرف الاصطناعي الذي تم تركيبه له وبدأ بالعودة للمشي وأداء أعماله اليومية والاهتمام بأسرته.
ورغم انشغال النجار بدراسة الدكتوراه في القانون في بريطانيا عام 2016، إلا أنه لم يفقد يوماً شغفه بكرة القدم، حيث كان يحلم بأن يكون لاعباً يترك بصمة وذكريات لدى الجماهير، إلا أن تنظيم "داعش" الإرهابي أجهض هذا الحلم، لكنه عاد إليه مرة أخرى بعد أن علم أن هناك فريقاً لمبتوري الأطراف في مدينة بورتسموث البريطانية التي يدرس فيها ويحمل الاسم نفسه، فكتب إليهم، وأراد الانضمام إليه، وهو ما حدث بعد ذلك.
بعد أن تحقق حلمه وعاد إليه شغفه، وأصبح جزءاً من فريق بورتسموث، شارك معه في الكثير من المباريات على مدار 4 سنوات هي مرحلة دراسته ببريطانيا، ومن هناك حاول وضع نواة لفريق عراقي من مبتوري الساق، لكن هذه الفرصة لم تحن إلا بعد عودته إلى بغداد.
تمكن صانع الأمل العراقي مع فريق بورتسموث من الحصول على كأس دوري إنجلترا في عام 2018، وقد ازدادت شهرته بين العرب والعراقيين في مدينة بورتسموث بعد حصوله على لقب أفضل لاعب في النادي عام 2019، الأمر الذي حفزه أكثر على نقل التجربة إلى وطنه، بعد أن أعادت له كرة القدم ثقته بنفسه ولياقته البدنية.
لم يكن الأمر سهلاً على صانع الأمل العراقي في بادئ الأمر، لأنه لم يتمكن من إيجاد الأشخاص المطلوبين، حتى قرر أن يكلف زميلاً له، يعمل على صناعة الأطراف الصناعية، لنشر الخبر والبحث عن لاعبين، وبالفعل بعد اختبارات عديدة للمتقدمين، اختار نحو 50 لاعباً سبق وأن مارسوا كرة القدم.
خلال هذه الفترة لم يستطع أي من التحديات إيقاف النجار عن خططه، حيث حاول ولأكثر من سنة مع الفريق الذي كانت تتراوح أعمار لاعبيه بين 14 و40 عاماً، المشاركة في مباريات ودية دولية عديدة، رغم عدم اعتراف الجهات المعنية في العراق بالفريق في بادئ الأمر، لكن حصوله على اعتراف الاتحاد الدولي لكرة قدم مبتوري الأطراف سهل المهمة.
ولأن النجار انتهج طريقة العمل بروح الفريق الواحد، نجح الفريق العراقي وخلال عام واحد فقط من مولده في التأهل لكأس العالم لمبتوري الأطراف التي استضافتها تركيا في شهر أكتوبر الماضي، وتمكن من تحقيق ثلاثة انتصارات على منتخبات أوروغواي وإيرلندا وألمانيا، وخسر ثلاثاً أخرى، ووضعت هذه الإنجازات تصنيف فريق العراق لكرة القدم لمبتوري الأطراف في الترتيب الـ19 عالمياً من أصل سبعين فريقاً على الرغم من حداثة التجربة العراقية والتنافس مع فرق لها باع طويل في اللعبة.
بالطبع، لم يكن طريق النجار في هذه الفترة مفروشاً بالورود، بل عمل على إعادة الروح إلى هذه الشريحة المثخنة بالجراح، بعد أن فقد بعضهم الشغف في الحياة وتملكه اليأس، لكنه كان يؤكد لهم دوماً أنهم وكما ضحوا بجزء من أجسادهم من أجل الحفاظ على وحدة وأمن العراق سيضحون مرة أخرى، ومرات من أجل رفع اسم دولتهم في المحافل العالمية.
ولم يكتف النجار ببث الحماس بين فريق العراق، بل تكفل في بداية الأمر بنفقات الفريق من تأجير ملاعب، وشراء الزي الرسمي، لكن وبمرور الوقت وجد رعاة يودون مساعدة الفريق في خطواته، التي ألهمت عدداً من الأندية العراقية ودفعتها إلى تكوين فرق محلية لكرة القدم لمبتوري الساق.
المغربي أمين إمنير.. بوابة للعطاء
حول صانع الأمل المغربي أمين إمنير حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى بوابة جديدة للعطاء، بهدف تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالمستوى المعيشي للأسر الأقل حظاً في المملكة المغربية، ورغم إيمانه بأن هذا الطريق ليس سهلاً، لكنه لم ييأس وأصر على مواصلة صناعة الأمل، حيث يؤكد دوماً بأنه نذر حياته لمساعدة أبناء بلده.
تبنى صانع الأمل المغربي رئيس جمعية أفتاس للتنمية والتعاون، الكثير من المبادرات والحملات الإنسانية التي تسعى إلى التخفيف من معاناة أبناء وطنه، حيث يقوم بتنظيم العديد من الحملات الإغاثية لتوزيع المساعدات على المحتاجين في المملكة المغربية، إذ تشمل هذه المساعدات الإغاثية توزيع الأضاحي والسلال الغذائية وحفر الآبار وبناء الجسور وغيرها من أعمال الخير.
لا يكل صانع الأمل أمين إمنير ولا يمل في العمل على توفير المساعدات المالية من فاعلي الخير في كافة أنحاء البلاد، من أجل استخدامها في توزيع المواد الغذائية للمحتاجين وحفر الآبار في المناطق النائية والقرى وحتى تأمين المساعدات الطبية والأدوية وإجراء العمليات المجانية للمرضى وكبار السن وغيرها من الأمور.
ويحرص إمنير على توثيق كافة نشاطاته الإنسانية عبر قناته "فيسبوكي" على يوتيوب، من أجل تحفيز الآخرين للسير على دروب العطاء، ونشر ثقافة العمل الإنساني عبر نقل صور بسيطة وعفوية من المبادرات الإنسانية التي تعمل عليها جمعيته، والتي استفاد منها أكثر من 150 ألف شخص في مختلف مدن المملكة المغربية.
وحققت جمعية أفتاس للتنمية والتعاون، عدداً من الإنجازات منها توزيع 800 أضحية على العائلات المحتاجة منذ عام 2020، وحفر أكثر من 100 بئر وتوزيع أكثر من ألف لوح لإنتاج الطاقة الشمسية، وتوزيع أكثر من 4500 سلة غذائية على الأسر المحتاجة والأرامل والأيتام، وتشييد جسر فوق واد لفك العزلة عن 3 مناطق تتعرض لفيضانات، وإجراء 217 عملية جراحية خلال 2023، وزراعة 2800 شجرة مثمرة.
المصرية فتحية المحمود.. أم اليتيمات
تجسد تجربة المصرية فتحية المحمود الملقبة بـ"أم اليتيمات" و "ماما فتحية"، نموذجاً ملهماً لاحتضان الأمل وتنشئته في مراحل تكوينه الأولى، من منطلق إيمانها بأن تعهد رعاية صناعة الأمل منذ مرحلة الطفولة يثمر عطاء في الكِبر، الأمر الذي دفعها لاستقبال 34 طفلة يتيمة في بيتها، لتكتب منذ العام 2005 فصول قصة سيدة ملهمة ونموذجاً لجنود الخير الذين وهبوا حياتهم لخدمة الفئات الأقل حظاً.
تزوجت فتحية المحمود، قبل 30 عاماً، ولكنها لم تُرزق بأطفال، ورغم أنه كان حلمها الوحيد إلا أنها رضيت بقضاء الله وقدره، لكن وأمام رغبتها الكبيرة هي وزوجها في سماع كلمة "ماما وبابا"، قررا تبني 34 فتاة، والإشراف على رعايتهن وتعليمهن وتربيتهن، معتمدين في ذلك على مدخراتهما التي جمعاها من رحلة عمل طويلة في بلاد الغربة.
بدأت حكاية "ماما فتحية" التي أسست جمعية لمسة أمل لرعاية الأيتام، للاعتناء بالفتيات، أثناء وجودها في عزاء صديقتها، حيث شاهدت ابنتها وهي تجتهد في الدعاء لها، وهنا تبادر إلى ذهنها سؤال "من سيدعو لي بعد وفاتي؟!"، فوجدت أن هناك الكثير من الأطفال الأيتام بلا مأوى، ولا توجد دور كافية تحتويهم وتعتني بهم، وتمنحهم الاهتمام اللازم والحضن الدافئ لتخرج من داخلهم مواهب وطاقات تجعلهم مميزين بين أقرانهم في المجتمع، وتحقق لهم التوازن بين حالتهم النفسية والاجتماعية، فقررت البحث عن أطفال لكي تتبناهم.
ورغم أن مسؤولية تربية 34 فتاة بعضهن وصل إلى مرحلة سنية تحتاج إلى رعاية خاصة، أمر ليس بالهين ويحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، إلا أنها تجد في تلك المسؤولية الثقيلة متعة خاصة، حيث تحرص على القيام بكافة واجباتها تجاه بناتها بكل شغف ودقة.
تعمل "ماما فتحية" على غرس ثقافة العطاء في بناتها الـ34 من منطلق إيمانها بأن كل جهد شخصي يبذل في العطاء وفعل الخير، سيحدث فرقاً كبيراً في حياة المجتمعات والمحتاجين، وسيعود على فاعله بسعادة غامرة لا تعادلها كنوز العالم، وهو ما كان دافعاً وحافزاً لها على امتلاك المعرفة بشؤون التربية وتفاصيلها، وكيفية تقديم الرعاية المناسبة لهؤلاء البنات في البداية، الأمر الذي ساعدها على تجاوز الكثير من الضغوط النفسية والتحديات، حيث تعلمت من التجربة لدرجة أكسبتها القدرة على فهم احتياجات بناتها فقط من نظرة عين.
يبدأ يوم "ماما فتحية" بعد صلاة الفجر، بعد أن قررت أن تكون هي فقط وزوجها المسؤولان عن تربية بناتهما وذلك بعد أيام وليالٍ من التدقيق قضياها في اختيار من يتولى شؤون البنات، وكذلك مديرات للمنزل، والأمهات البديلات، حيث انتهت رحلة البحث إلى قناعة شخصية من جانبهما بأنه لن يعتني أحد ببناتهما بالشكل الكافي غيرهما، فتوليا في مقر "لمسة أمل" كافة تفاصيل تربية الفتيات.
لم تكتفِ "ماما فتحية" بتأسيس جمعية لمسة أمل لرعاية الأيتام، بل عملت هي وزوجها على تكريس جهودهما لتحسين الرعاية الصحية للأيتام وأصحاب الهمم، عبر إنشاء مستشفى مجاني في منطقة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة يوفر الرعاية الصحية لهذه الفئات.