نظمت مجموعة عمل الإمارات للبيئة بنجاح جلستها الحوارية الخامسة والأخيرة لهذا العام، تحت عنوان "واقع الكربون: فهم السوق، التعويض، الاحتجاز، والائتمان"، مسلطة الضوء على الابتكار المناخي وآلية بناء مستقبل منخفض الكربون.
جمعت هذه الفعالية، التي عُقدت في غرفة دبي، نخبة من خبراء الاستدامة وصانعي السياسات وقادة الشركات والطلبة حيث ناقشت المشهد المتطور لإدارة الكربون، وتحدياته وسبل العمل المناخي القابل للتوسع في الدولة والمنطقة ككل.
في كلمتها الافتتاحية، ذكّرت الدكتورة حبيبة المرعشي، العضو المؤسس ورئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة بالحاجة الملحة لخفض الانبعاثات العالمية، مستشهدةً بالتقرير التجميعي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (2023)، الذي يدعو إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، بما يتماشى مع اتفاقية باريس.
وفي معرض تسليطها الضوء على عام المجتمع، أكدت أن معالجة تحدي الكربون ليست حتمية علمية فحسب، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب التعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاعات الصناعية والمجتمعات، ومن خلال الجمع بين أسواق الكربون المبتكرة والتقنيات المتطورة والإجراءات المجتمعية الموحدة، يمكننا إيجاد حلول فعالة وشاملة، مما يضمن عدم تخلف أي مجتمع عن الركب. ومهدت هذه الكلمة الطريق لحلقة نقاشية ديناميكية استكشفت الأبعاد العلمية والاقتصادية والاجتماعية لإدارة الكربون.
وعقب الكلمات الافتتاحية، شهدت الجلسة مسابقة مناظرات قوية وشيقة بين المدارس، ما عكس التزام المجموعة الراسخ بمشاركة الشباب ومحو الأمية المناخية، حيث ناقش الطلبة موضوع "تعويضات الكربون: مسار موثوق لتحقيق صفرية الانبعاثات أم ثغرة مناخية؟".
ومثلت المدرسة الفلبينية في أبوظبي هذا الاقتراح، مؤكدةً أن تعويضات الكربون لا تزال أداة أساسية لتحقيق صفرية الكربون، حيث توفر آليات مرنة لخفض الانبعاثات مع تحفيز المشاريع الإيجابية للمناخ في جميع أنحاء العالم.
فيما ردّت مدرسة نيو إنديان النموذجية في دبي بأن تعويضات الانبعاثات قد تُصبح "ثغرة" تُؤخر إزالة الكربون بشكل جذري، مُسلّطةً الضوء على مخاوف جوهرية تتعلق بسلامة التأثير والقياس والتحقق والإنصاف. وقد أضفى هذا الجزء الشبابي الحيوي أجواءً مُفعمة بالحيوية على الفعالية، مُظهرًا عمق الفهم والشغف لدى الجيل القادم من قادة المناخ.
جمعت لجنة الخبراء نخبة من قادة الاستدامة الإقليميين الذين يمتد تأثيرهم ليشمل السياسة والتمويل والتكنولوجيا والابتكار المناخي. وباعتبارهم محركات رئيسية لأجندة المناخ في دولة الإمارات العربية المتحدة، شملت قائمة المتحدثين السيد عبد المعطي أحمد مراد، مدير إدارة تغير المناخ في وزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ والدكتور ستيفن جريفيث، أستاذ ونائب رئيس الجامعة الأمريكية في الشارقة للأبحاث؛ والسيد فيجاي باينز، كبير مسؤولي الاستدامة ورئيس مجموعة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في بنك الإمارات دبي الوطني، دبي؛ والسيدة كارلينا ماراني، المدير العام لشركة أكسنتشر أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا؛ والسيدة سامانثا شين، مستشارة وباحثة مستقلة في مجال تمويل المناخ والسياسات.
وقد أشعلت خبرتهم الجماعية حوارًا مقنعًا حول مشهد الكربون سريع التطور، متعمقين في مصداقية السوق وأطر التعويض الفعالة ومستقبل احتجاز الكربون والدور الحاسم للتمويل والتنظيم.
وقدم كل متحدث رؤى ثاقبة ووجهات نظر قائمة على الأدلة وتوصيات استشرافية. تناولت الجلسة الأبعاد التقنية والاقتصادية لإدارة الكربون وأكدت على الحاجة الملحة إلى مناهج شاملة تركز على المجتمع وتعزز المرونة وتُسرّع انتقال الدولة نحو مستقبل منخفض الكربون. وشكّل الحوار في هذه الجلسة خطوةً حاسمةً في تعزيز العمل المناخي الشامل والموثوق.
كما صرحت الدكتورة حبيبة المرعشي، التي أدارت الجلسة، قائلةً: "من خلال سبر أغوار تعقيدات أسواق الكربون، وعمليات التعويض، وعمليات الاحتجاز، والتمويل، فإننا نبني مساراتٍ تُساعد على خفض الانبعاثات وتعزز مرونة المجتمع وتحافظ على استدامته على المدى الطويل".
وأضافت: "من خلال جمع خبراء من القطاع الحكومي والصناعة والقطاع المالي والمجتمع المدني، أتاح هذا النقاش منصةً ضروريةً للغاية للحوار الصادق والتعاون المُستنير، وهو أمرٌ ضروريٌّ لتعزيز الشفافية والمصداقية والثقة في جميع أنحاء النظام البيئي للكربون".
أبرزت الرؤى الرئيسية الدورَ الحيوي لأطر السياسات القوية وسلامة البيانات، والحاجة إلى آليات تعاونية بين القطاعين العام والخاص لتوسيع نطاق الاستثمارات المناخية، وأهمية النُهُج المُركِّزة على المجتمع والتي تضمن أن تُحقق مبادرات الكربون قيمةً اجتماعيةً وبيئيةً حقيقية. وأكد الخبراء على أن الشفافية وبناء القدرات واستقرار الاسواق على المدى الطويل عواملٌ حاسمةٌ لتحقيق تخفيضاتٍ فعّالةٍ في الانبعاثات وتمكين المؤسسات من الانتقال من الطموح إلى التأثير الملموس.
أُتيحت هذه الجلسة المؤثرة بفضل الدعم القيّم من شركة ماكدونالدز الإمارات، الراعي الرئيسي، الذي يواصل التزامه الراسخ بالاستدامة تعزيز منصات الحوار الوطني بشأن العمل المناخي. وقد وفرت غرفة دبي، بصفتها مضيف الحدث لانعقاد الفعالية، بيئةً استثنائيةً عززت من احترافية الحدث ونطاقه، بينما حرص فندق الخوري، راعي الضيافة على توفير ضيافةٍ سلسةٍ لجميع المشاركين.
وعززت المجموعة الشراكة المستمرة مع شركائها - مجلس أعمال الطاقة النظيفة، ومجلس الإمارات للأبنية الخضراء ومجلس الأعمال السويسري، وشريك المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات - الشبكة العربية للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، حيث يعكس دعمهم التزامًا مشتركًا بتعزيز الإدارة البيئية وتقوية الخطاب المناخي المستنير، وتعزيز التعاون بين القطاعات الذي يقود إلى تأثير مفيد وطويل الأمد.