
تحيي دولة الإمارات، غداً، الذكرى الخامسة والثلاثين لوفاة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، باني دبي الحديثة، الذي ارتبط اسمه بنهضة الإمارة، وبتحولها الكبير إلى مدينة عالمية متقدمة تتزين بالعديد من الإنجازات العملاقة، التي وضعت اللبنة الأساسية لمستقبل الإمارة.
ويستذكر أبناء الإمارات في هذا اليوم، الشيخ راشد بن سعيد، أحد أبرز القادة الذين امتلكوا رؤية استشرافية بعيدة المدى، ونظرة ثاقبة للمستقبل، ومن أوائل من أدركوا أهمية التخطيط الاستراتيجي، والتنمية المستدامة، والاستثمار في الإنسان قبل العمران.
وتوفي الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، في السابع من شهر أكتوبر عام 1990، الموافق الثامن عشر من شهر ربيع الأول عام 1411هـ، عن عمر يناهز 78 عاماً، قضاها في خدمة أمته ووطنه ومواطنيه، وقدم خلالها كل ما يملك في سبيل تحقيق مسيرة الخير والنماء والازدهار.
ووضع الشيخ راشد منذ توليه مقاليد الحكم في دبي عام 1958، أسس النهضة الحقيقية التي انطلقت منها دبي نحو آفاق الازدهار والريادة، وحققت دبي تحت إدارته طفرة تنموية، شملت إنشاء الطرق والجسور التي تربط شطري الإمارة، وتوسيع خور دبي، وتعزيز موقعها التجاري، بإنشاء مزيد من الموانئ حول الإمارة، وأصبحت دبي مركزاً تجارياً بين الشرق والغرب.
وأدرك، رحمه الله، أن التنمية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال بناء بنية تحتية قوية، تواكب الطموحات المستقبلية، فأطلق مشاريع رائدة، في وقت كانت فيه الموارد قليلة، ولا الإمكانات كبيرة، لكن إيمانه بقدرة أبناء الإمارات على البناء، كان أكبر من كل التحديات.
نقلة نوعية
وشكلت إنجازات الشيخ راشد بن سعيد نقلة نوعية في تاريخ دبي، حيث أنشأ مطار دبي الدولي، وافتتحه في الثلاثين من سبتمبر 1960، كما افتتح في أكتوبر عام 1972 ميناء راشد البحري، وكان هذا الميناء الضخم، داعماً اقتصادياً قوياً لإمارة دبي خاصة، والإمارات عامة، وكان الشيخ راشد يشجع التجارة والتجار، ويطمح لزيادة الموارد، وتشجيع الخطوط العالمية للمرور بها، فأصبحت مركزاً تجارياً بين الشرق والغرب، وهما من المشروعات التي كانت حجر الأساس في جعل دبي مركزاً تجارياً عالمياً، إضافة إلى إطلاق خور دبي كمحور اقتصادي وتجاري رئيس، عزز حركة التجارة البحرية. كما كانت له بصمات واضحة في تأسيس المؤسسات الحكومية والإدارية، التي أرست قواعد الحوكمة والتنظيم في الإمارة.
وكان الشيخ راشد قائداً إنسانياً قريباً من شعبه، يحرص على متابعتهم ميدانياً، ويستمع إلى احتياجاتهم بنفسه، فيلتقيهم في الأسواق والمجالس، ويتابع تنفيذ المشاريع خطوة بخطوة. كان يرى أن الإنسان هو أساس التنمية، فحرص على توفير التعليم والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية لجميع السكان، معتبراً أن بناء الإنسان هو الضمان الحقيقي لبناء الوطن.
تنويع اقتصادي
كما كان الشيخ راشد صاحب رؤية مستقبلية استشرافية، ومن أوائل القادة الذين أدركوا أهمية التنويع الاقتصادي، وعدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل. فعمل على تنشيط قطاعات التجارة والسياحة والخدمات، ووضع الأسس الأولى لاقتصاد منفتح على العالم. هذه الرؤية البعيدة، هي التي مكنت دبي لاحقاً من أن تصبح مركزاً مالياً وسياحياً عالمياً.
الاتحاد
ولعب الشيخ راشد دوراً محورياً في قيام الاتحاد عام 1971، وكان من أبرز الداعمين والمساندين للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مسيرة الاتحاد، مؤمناً بأن قوة الإمارات في وحدتها وتكاملها. كما أسهم في ترسيخ العلاقات الأخوية بين الإمارات والدول العربية والإسلامية، وفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي.
ولا تزال اليوم، إنجازات الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاضرة في كل زاوية من دبي، بعد مرور 35 عاماً على رحيله، تشهد على رؤية قائد آمن بالمستقبل، ووضع الأسس الصلبة لمدينة أضحت اليوم منارة عالمية في التنمية والابتكار والازدهار، وترك إرثاً خالداً من الحكمة والبصيرة والعطاء.