
في ظل افتتاح مزاد مؤقت لحقائب اليد بمدينة لندن، يشهد عالم الموضة حالة من الهوس تسيطر على دور المزادات العريقة، مع ارتفاع أسعار القطع بشكل غير مسبوق. هذا الأمر يثير التساؤل حول مدى إمكانية أن تصل قيمة بعض القطع إلى مستويات توازى اللوحات الفنية الكبرى، مثل بيكاسو.
يرى الخبراء أن القيمة الحقيقية للأزياء الفاخرة لا تكمن فقط في ندرتها أو تاريخها، بل في سنوات الخبرة التي يكتسبها المصممون، وأرشيف من التقاليد التي تأسست عليها دور الأزياء الكبرى، مثل" هيرميس" التي أُطلقت عام 1837، والمهارات الحرفية التي تدخل في صنع كل قطعه، كما بيع فستان الهوت كوتور للمصمم " جان بول غوتييه" من الكتان وريش النعام في عام 2024 بمبلغ 82,893 مليون دولار، مثالًا على ذلك.
ويطرح السؤال، هل يمكن أن تكون ديمقراطية إعادة البيع، عبر تسهيل الوصول إلى المنتجات الفاخرة، سببًا في ارتفاع أسعار المزادات؟
ترى الباحثة أوشا هايلي، أستاذة الأعمال الدولية في جامعة ويتشيتا،وفقا لتقرير نشرته " سي أن أن " أن الأمر كذلك، حيث تقول: "إذا بدأ المستثمرون في شراء ثم إعادة البيع بسرعة لتحقيق الربح" القطع بهدف الربح القصير الأمد، فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب السوق وارتفاع الأسعار بشكل غير مستدام." وطبيعة المزاد أن الشيء يُقيم بما يريده المشتري، فإذا بيعت قطعة بمبلغ 300,000 دولار، فهي تساوي ذلك فعليًا."
وتضيف أوشا: أن ارتفاع قيمة القطع الأرشيفية قد يبعد الموضة عن عامة الناس، ويحول رموز الثقافة والهوية إلى أشياء حصرية يصعب الوصول إليها، وفي الوقت ذاته، تبرز وسائل التواصل الاجتماعي كمحفز لعرض الأزياء التاريخية والأغراض ذات القيمة الثقافية، خاصةً من خلال المعرض السنوي لمتحف المتروبوليتان للفنون، والذي حقق أرباحًا قياسية هذا العام من خلال حفل ميت غالا. ويُعد ذلك مناقشة حول ضرورة أن تكون القطع ذات الحساسية العالية والأهمية التاريخية في المتاحف، التي تتبع سياسات أكثر صرامة في الجمع والحفظ والإعارة، مقارنةً بمتحف "ريبليز" الذي يظل غير مخصص لعرض جميع القطع.
ومن جانب آخر شهدت المزادات التي تشرف على إعادة عرض وبيع قطع مستعملة من تصميم دور أزياء عالمية ارتفاعًا قياسيًا في الأسعار، على سبيل المثال، باعت دار سوثبي في باريس الشهر الماضي حقيبة هيرميس مهترئة كانت مملوكة لاسم الدار، جين بيركين، مقابل 9 ملايين دولار.
وفي لندن، أطلقت دار" سوثبي" للمزادات صالة عرض مؤقتة و فاخرة، تبيع من خلالها قطعًا من دور أزياء عالمية وعريقة من مثل "هيرميس"، "رولكس" وكذلك "كارتييه"، وتستمر فعاليتها حتى 22 أغسطس الجاري . لكن، لم يكن الأمر دائمًا على هذا النحو، إذ كانت دور المزادات تعتبر قسم الموضة فرعًا ثانويًا، حيث كانت القطع ذات العلامات التجارية المعروفة تجذب المشترين أكثر، وغالبًا ما كانت تركز على الأعمال الكبرى مثل اللوحات والتماثيل.
وفيما يخص الملابس، فهي عادةً ما ترتدى وتستخدم، وهو ما يميزها عن غيرها من القطع ذات القيمة العالية. على سبيل المثال، لم تتردد جين بيركين في استخدام حقيبة هيرميس الخاصة بها، على الرغم من حالتها المهترئة، وهو ما تسبب في إثارة الكثير من العناوين، إذ يرافقها دائمًا الجدل حول قيمتها العالية.
أما الملابس التي تملكها شخصيات مشهورة مثل الأميرة ديانا أو مارلين مونرو، فقد حققت أسعارًا أعلى من الملابس من انتاج الدار أو العلامة التجارية، إلا أن شيئًا لم يصل إلى قيمة حقيبة بيركين التي بيعت مقابل 9 ملايين دولار .
وفى السياق فستان مونرو الشهير "عيد ميلاد سعيد يا سيد الرئيس"، المعروف بأنه أغلى فستان في العالم، باعه مزاد في 1999 مقابل 1.3 مليون دولار، ثم أعيد بيعه في 2016 لمتحف "ريبليز" بمبلغ 4.8 ملايين دولار، وهو موجود هناك حاليًا، رغم ارتدائه من قبل كيم كارداشيان في ميت غالا 2022. وتوضح الباحثة في تاريخ الموضة، كورا هارينغتون، أن ارتباط الفستان بكارداشيان قد يزيد من قيمته في المزادات المستقبلية، رغم التلف الناتج عن الاستخدام.
وتؤكد هارينغتون أن هذا الأمر كان سيحدث سواء ارتدت كيم الفستان لأنه لمارلين مونرو، أو لأي سبب آخر، ولكن وجود جمهور كبير من معجبي كيم قد يرفع السعر بشكل كبير.
وتقول: "عادةً، عندما يتعرض شيء ما للتلف، ينخفض سعره، لكن في هذه الحالة، العكس هو الصحيح".